من احكام النوم الشرعية

· آداب النوم : وأحسنها ما كان من هدي النبي e الذي كان ينام غير ممتلئ البطن من الطعام والشراب ، وكان ينام أول الليل ، ويستيقظ في أول النصف الثاني ، فيقوم ويستاك ويتوضأ ويصلي ما كتب الله له ، ولم يكن e يأخذ من النـوم فوق القدر المحتاج له ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج منه (1) وكان e يحضُّ على الصحو المبكر لما فيه من بركة وتوفير للوقـت وتنشيط للجسم والعقل فيقول ( اللهم باركْ لأُمَّتي في بُكورها ) (2)
ويُستحبُّ الوضوءُ قبله أو على الأقل النظافة الشخصية ففي الحديث ( إذا نام أحدكم و في يده ريح غمر فلم يغسل يده فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه ) (3) وريح الغمر : أي ريح اللحم وزهومته ( فأصابه شيء) أي إيذاء من بعض الحشرات ( فلا يلومن إلا نفسه) لتعرضه لما يؤذيه من الهوام بغير فائدة , وذلك لأن الهوام وذوات السموم ربما تقصده في المنام لريح الطعام فتؤذيه . ويُستحبُّ أيضا النومُ على الشِّقِّ الأيمن ، ويُكره النوم على البطن ، لأنَّ النبيّ eنهى عنه عندما ( رأى رجلاً مضطجعاً على بطنه ، فقال : إن هذه ضجعة لا يحبـها اللهُ ) (4)
وقد كان النبيُّ e ينام ذاكراً الله حتى تغلبه عيناه (5) وكان يقول ( إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم إني أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت . فإنْ متَّ من ليلتكَ فأنتَ على الفطرة ، واجعلهنَّ آخرَ ما تتكلمُ به ) (6)
· الوقاية والحذر : يجب أخذ جانب الوقاية والحذر حين النوم ، ومنها ما أمر به e راغب النوم أن يعمله ( إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم يقول باسمك رب وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) (7) وما ذلك إلا أن فراش النائم عرضة للهوام والحشرات، فإذا نفضه ابتعدت عنه إن كان فيه شيء ، وأيضاً ( نهى رسولُ اللهِ e أنْ ينامَ الرجلُ على سطحٍ ليسَ بمحجورٍ عليه ) "" /> وفي رواية ( من بات على ظهر بيت ليس عليه حجاب فقد برئت منه الذمة ) (9)
· الاستئذان في أوقات النوم : وبما أن الإنسان يتخفف عادة من ثيابه وقتَ النَّوم ، ولا يستطيع الاحتراز من انكشاف عورته ، فقد شُرع الاستئذان للذين يحلُّ لهم الدخول بعضهم على بعض في الأوقـات التي اعتاد الناس أن يناموا فيها ، فقال تعالى ( يا أَيُّها الذين آمنوا لِيستأذنْكُمُ الذين مَلَكَتْ أَيْمانُكم والذين لَمْ يَبْلغوا الحُلُمَ منكُمْ ثلاثَ مرَّاتٍ ، مِنْ قَبْلِ صلاةِ الفجرِ وحينَ تضعونَ ثيابَكُمْ منَ الظَّهيرةِ ومنْ بعدِ صلاةِ العشاءِ ، ثلاث عوراتٍ لكُمْ ، ليسَ عليكُمْ ولا عليهم جُنَاحٌ بعدهنَّ ، طوَّافونَ عليكم بعضُكم على بعضٍ ، كذلكَ يبيِّنُ اللهُ لكمُ الآياتِ ، واللهُ عليمٌ حكيمٌ ) النور 58
· المضاجعة : نوم الاثنين أو أكثر في فراش واحد جائز للزوجين على أي حال كانا ، أما لغير الزوجين فإنه قد يفضي للفتنة ، ولهذا نهى النبيُّ e عنه ، فقال ( لا ينظرُ الرجلُ إلى عورةِ الرجلِ ، ولا المرأةُ إلى عورةِ المرأةِ ، ولا يُفضي الرَّجلُ إلى الرجلِ في ثوبٍ واحدٍ ، ولا تُفضي المرأةُ إلى المرأةِ في الثَّوبِ الواحدِ ) (10) وقد أمر النبيُّ e بالتفريق بين الصبيان في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين من العمر فقال ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) (11)
· مسؤولية النائم : قد يأتي النائم ببعض الأفعال من غير شعور منـه ، كالكلام أثناء النوم أو المشي ( Somnanbulism ) وقد يأتي بأفعال محرمة ، وقد يسقط على شخص آخر فيؤذيه أو يقتله ، وبما أن النائم يفقد وعيه أثناء نومه فإنه إذا صدر عنه قول أو وقع منه فعل ، فإنه لا يؤاخذ عليه ، ولا يأثم ، لقول النبيِّ e( رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل ) (12) إلا إذا نتج عنه ضرر ضد الغير فإنه يتحمل المسؤولية ، وعليه أن يعوض المتضرر عما أصابه .
· النوم والطهارة : الاضطجاع في النوم ينقض الوضـوء عند جمهور الفقهاء ، لأنه سبب للاسترخاء فلا يخلو من خروج الريح غالباً ، إلا عند المالكية الذين ذهبوا إلى أن النوم الثقيل ينقض الوضوء سواء كان النائم مضطجعاً أو قائماً أو قاعداً أو راكعاً أو ساجداً أما إن كان نومه غير ثقيل فلا ينتقض وضوؤه (13)
فإذا كان النائم جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لا ينتقض وضوءه عند الجمهور لحديث أنس t قال : كان أصحاب رسول الله e ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون (14) قال ابن المبارك: هذا عندنا وهم جلوس (15)

بارك الله فيك الموضوع قمة في الروعة اتمنى ان تقبل مروري لموضوعك على امل لقائك في مواضيع اروع واجمل
التوقيع : صفاء الروح