كيف أجسد التوبة الصادقة المخلصة عملا حتى لا أعود إلى فعل المعاصي؟(1)
2 مشترك
»-(¯`v´¯)-» لوحة الابداع »-(¯`v´¯)-» :: منتدى CABBA لكل الجزائريين و العرب :: المنتديات الإسلامية :: الدعوة والإرشاد
صفحة 1 من اصل 1
كيف أجسد التوبة الصادقة المخلصة عملا حتى لا أعود إلى فعل المعاصي؟(1)
فقد بدأت هذه البداية العظيمة وهي أنك تريد أن تتوب توبة خالصة لله جل وعلا، إنك تريد ما أمرك الله به، إنك تحنُّ إلى أن ترى نفسك عبدًا تائبًا منيبًا إلى الله قريبًا من ربك، قريبًا من الرحمن الرحيم الذي لا يرد عبدًا لجأ إليه، لا يرد عبدًا تاب إليه، فهو أرحم الراحمين، إنه التواب الذي هو كثير التوبة على عباده، إنه الرحمن الرحيم الذي يقبل التوبة عن عباده ولو كثرت ذنوبهم ولو بلغت ذنوبهم عنان السماء، إنه الذي ينادي عباده المؤمنين مناسبًا إياهم إليه؛ فيقول جل وعلا: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }، فتأمل إلى هذا النداء، إنه ينسب هؤلاء المذنبين إليه، بل هؤلاء المسرفين ينسبهم إليه فيقول: { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ}، ثم يبين لهم ألا ييأسوا من رحمة الله، فيقول: { لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ } أي لا تيأسوا من رحمة الله، فما هو هذا الفضل الذي ينتظرهم؟ إنه مغفرة الذنوب كبيرها وصغيرها، جليلها وحقيرها، ولذلك قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }، ثم قال تعالى:
{ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ }.
فهذا هو دواؤك يا أخي، إنه أن تتأمل في هذه الآية الكريمة، إنه يأمرك أن تنيب إليه أن ترجع إليه، فإنه لا ملجأ منه إلا إليه، أين الفرار إلى الله جل وعلا، أين المهرب من الله جل وعلا، أين المفر من الرب الذي بيده ملكوت كل شيء والذي في قبضته كل شيء، فلا ملجأ لك منه إلا إليه، ولذلك كان من دعاء النبي - صلوات الله وسلامه عليه -: ( اللهم اهدنا في من هديت، وعافنا في من عافيت ) إلى قوله: ( لا ملجأ منا إلا إليك ). ثم قال تعالى: { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ }، فأمرك جل وعلا بالإنابة، ثم نبهك إلى ما يعينك على هذه الإنابة، إنه أن تتذكر أنك قد يهجم عليك الموت في أي لحظة، وقد يأتيك داعي ربك في أي وقت وأنت نائم وأنت صاحٍ وأنت في عملك وأنت تخالط الناس؛ فكل ذلك وقت قابل لأن يأتي الله جل وعلا لعبده بالحق، قال تعالى: { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ }.
فهذا هو أول مقام تقومه لتثبت على توبتك، بأن تتذكر أنك قد توافي ربك وأنت على هذه المعصية، فهل تحب أن تقدم على الله بسوء الخاتمة، هل تحب أن تكون ممن خُتم له بالعصيان وكان آخر أعمالك هو معصية الرب جل جلاله، حتى قال - صلوات الله وسلامه عليه -: ( إنما الأعمال بالخواتيم ) أخرجه البخاري في صحيحه..
إذن فلابد أن تعالج نفسك بهذا النظر، فأنت بحمد الله عبدٌ تائب، إنك لا تريد التوبة فقط، بل أنت تائب بالفعل وفي قلبك حسرة وندامة على هذا الذنب الذي ربما يتكرر منك كثيرًا، فإن الإنسان قد يقع في بعض الذنوب ويسهل عليه توبته منها، بينما قد يدمن ذنبًا من الذنوب حتى يصير له كالعادة، ومن تأمل أحوال الناس عرف ذلك منهم.
إذا ثبت هذا فإن التوبة واجبة على الفور، فإن أذنب العبد ذنبًا فإن أخر التوبة ولو للحظات يسيرات فقد وجبت عليه توبتان: توبة من ذنبه الحاصل وتوبة من تأخير التوبة، فبهذا العلم يكون قلبك دومًا متعلقًا بهذه التوبة حريصًا عليها، واعلم أن شأنها عظيم، فإن لجلالتها عند الله ولعظيم خطرها عنده جل وعلا كان من آخر ما ختم به لنبيه - صلوات الله وسلامه عليه – الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولأصحابه الكرام من المهاجرين والأنصار فقال جل وعلا في آخر سورة أنزلها وهي سورة التوبة: { لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}. فكن أنت يا أخي صاحب هذه التوبة، وها هنا وصايا فاحرص عليها:
1- تأمل دومًا في عظيم الثواب الذي أعده الله جل وعلا لعباده المؤمنين من النظر إلى وجهه الكريم والقرب منه وما أعده لهم من الكرامة وما أعده لهم من الجنان ومن النعيم المقيم، ثم تذكر هذه المعاصي في هذه الدنيا وأنها قاذورات من قذر الدنيا، فكيف تستبدل كل هذا الفضل والنعيم المقيم بهذه الآثام التي هي من المعاصي التي هي من دنس هذه الدنيا، وما الأمر إلا كما قالت الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها: ( لو كانت الدنيا من ذهب والآخرة من خزف لكان حقًّا على العاقل أن يقدم الآخرة على الدنيا، لأن الآخرة باقية والدنيا فانية، فكيف والدنيا من خزف والآخرة من ذهب )، فتأمل في هذا الكلام العظيم الذي يشد العزيمة ويبعث على الهمة في الثبات وعلى التوبة والثبات على الدين.
2- الحرص على الصحبة الصالحة فلابد أن تحرص على صحبة مؤمنة تعينك على طاعة الرحمن، تذكرك إذا نسيت وتعينك إذا قصَّرت وتنبهك إذا غفلت، فهذه هي الصحبة التي حثنا النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: ( لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) رواه الترمذي في سننه، وبقوله:
( مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة ) متفق عليه.
وبقوله: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه أبو داود في سننه، فاحرص على مصاحبة الأخيار وتجنب صحبة الشر فإنها كالداء الذي يسري فيفتك بالإنسان - والعياذ بالله تعالى -.
يتبع
{ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ }.
فهذا هو دواؤك يا أخي، إنه أن تتأمل في هذه الآية الكريمة، إنه يأمرك أن تنيب إليه أن ترجع إليه، فإنه لا ملجأ منه إلا إليه، أين الفرار إلى الله جل وعلا، أين المهرب من الله جل وعلا، أين المفر من الرب الذي بيده ملكوت كل شيء والذي في قبضته كل شيء، فلا ملجأ لك منه إلا إليه، ولذلك كان من دعاء النبي - صلوات الله وسلامه عليه -: ( اللهم اهدنا في من هديت، وعافنا في من عافيت ) إلى قوله: ( لا ملجأ منا إلا إليك ). ثم قال تعالى: { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ }، فأمرك جل وعلا بالإنابة، ثم نبهك إلى ما يعينك على هذه الإنابة، إنه أن تتذكر أنك قد يهجم عليك الموت في أي لحظة، وقد يأتيك داعي ربك في أي وقت وأنت نائم وأنت صاحٍ وأنت في عملك وأنت تخالط الناس؛ فكل ذلك وقت قابل لأن يأتي الله جل وعلا لعبده بالحق، قال تعالى: { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ }.
فهذا هو أول مقام تقومه لتثبت على توبتك، بأن تتذكر أنك قد توافي ربك وأنت على هذه المعصية، فهل تحب أن تقدم على الله بسوء الخاتمة، هل تحب أن تكون ممن خُتم له بالعصيان وكان آخر أعمالك هو معصية الرب جل جلاله، حتى قال - صلوات الله وسلامه عليه -: ( إنما الأعمال بالخواتيم ) أخرجه البخاري في صحيحه..
إذن فلابد أن تعالج نفسك بهذا النظر، فأنت بحمد الله عبدٌ تائب، إنك لا تريد التوبة فقط، بل أنت تائب بالفعل وفي قلبك حسرة وندامة على هذا الذنب الذي ربما يتكرر منك كثيرًا، فإن الإنسان قد يقع في بعض الذنوب ويسهل عليه توبته منها، بينما قد يدمن ذنبًا من الذنوب حتى يصير له كالعادة، ومن تأمل أحوال الناس عرف ذلك منهم.
إذا ثبت هذا فإن التوبة واجبة على الفور، فإن أذنب العبد ذنبًا فإن أخر التوبة ولو للحظات يسيرات فقد وجبت عليه توبتان: توبة من ذنبه الحاصل وتوبة من تأخير التوبة، فبهذا العلم يكون قلبك دومًا متعلقًا بهذه التوبة حريصًا عليها، واعلم أن شأنها عظيم، فإن لجلالتها عند الله ولعظيم خطرها عنده جل وعلا كان من آخر ما ختم به لنبيه - صلوات الله وسلامه عليه – الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولأصحابه الكرام من المهاجرين والأنصار فقال جل وعلا في آخر سورة أنزلها وهي سورة التوبة: { لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}. فكن أنت يا أخي صاحب هذه التوبة، وها هنا وصايا فاحرص عليها:
1- تأمل دومًا في عظيم الثواب الذي أعده الله جل وعلا لعباده المؤمنين من النظر إلى وجهه الكريم والقرب منه وما أعده لهم من الكرامة وما أعده لهم من الجنان ومن النعيم المقيم، ثم تذكر هذه المعاصي في هذه الدنيا وأنها قاذورات من قذر الدنيا، فكيف تستبدل كل هذا الفضل والنعيم المقيم بهذه الآثام التي هي من المعاصي التي هي من دنس هذه الدنيا، وما الأمر إلا كما قالت الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها: ( لو كانت الدنيا من ذهب والآخرة من خزف لكان حقًّا على العاقل أن يقدم الآخرة على الدنيا، لأن الآخرة باقية والدنيا فانية، فكيف والدنيا من خزف والآخرة من ذهب )، فتأمل في هذا الكلام العظيم الذي يشد العزيمة ويبعث على الهمة في الثبات وعلى التوبة والثبات على الدين.
2- الحرص على الصحبة الصالحة فلابد أن تحرص على صحبة مؤمنة تعينك على طاعة الرحمن، تذكرك إذا نسيت وتعينك إذا قصَّرت وتنبهك إذا غفلت، فهذه هي الصحبة التي حثنا النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: ( لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) رواه الترمذي في سننه، وبقوله:
( مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة ) متفق عليه.
وبقوله: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه أبو داود في سننه، فاحرص على مصاحبة الأخيار وتجنب صحبة الشر فإنها كالداء الذي يسري فيفتك بالإنسان - والعياذ بالله تعالى -.
يتبع
»-(¯`v´¯)-» لوحة الابداع »-(¯`v´¯)-» :: منتدى CABBA لكل الجزائريين و العرب :: المنتديات الإسلامية :: الدعوة والإرشاد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى